“لعبة الحب” خاطرة بقلم الدكتور محمد نادي.

تنشر “أصالة وطن” خاطرة  للدكتور محمد نادي مدرس بكلية الآداب, و مدرب تنمية بشرية في مركز تنمية القدرات بجامعة الوادي الجديد,  وله العديد من المؤلفات القصصية, وأخرها قصة “أمراة بلا جسد ” التي نُشرت بمجلة الجوبة السعودية .

لعبة الحب 

للحب مواسم، ينبتُ في الصيف، ويتوهّجُ فيه، ويتعرى في الخريف، ويدفئ القلب في الشتاء، ويُزهر في الربيع.
التقيا في الخريف، كان هو الأكثر اندفاعًا، وكانت هي الأكثر خجلا، وفي الحقيقة كان هو الأكثر حاجة، وكانت هي الأكثر ذكاءً. كان هو رجل الحب واقفًا، وكانت هي امرأة الحب راقدًا مغطى بورقة يوقّع عليها شاهدان.
إن إشراقة شمس الحب تجعل كل الألوان زاهيةً، حتى الأسْود يصبح مُشعًّا بالحياة متناغمًا مع الألوان، يرسم صورة تموج بالحياة، ويعزف سيمفونية راقصة على مسرح الحياة.
كان يكبرها بعدة سنوات، وكانت تكبره في الحب بقرون، ليس مهمًا في الحب من يبوح أولا، لم ينتظر أن تبوح قبله، أو أن يبوحا معًا، أما هي فكانت متقنة لفن الصمت الكبير.
الرجل في الحب لا يقوى على الاختيار من متعدد، ولا يحب كثرة الاحتمالات، يحب أن يكون سلطانًا في الحب، يمارس غروره الذكوري بقسوة، هو رجل الاحتمال الواحد، لا يعرف قاموسه من معاني الحياة إلا حرفين لا يجتمعان أبدا، ” نعم ولا”.
والمرأة ملكة فن الممكن، أميرة الشيء وضده، سلطانة العزف على أوتار المتناقضات ، تَسقطُ كلُّ حروف المعجم بدمعة لا يدري الرجل أهي دمعة قوة أم دمعة ضعف.
المرأة قائد اوركسترا لحن الحياة، هي العازف على أوتار السعادة والألم، والرجل في كل الأحوال راقص.
تقول: لا، وفيها ألف نعم، وتبوح بنعم، وتتنكر لها قبل المساء.
جمعهما حرف العين في سكشن واحد، وعندما التقت الأعين لم يدرِ كيف انطفأت شموس من قبلها، وأشرقت شمس علياء في سمائه، نسي كل الملامح وكل الأسماء ،وتذكر جيدا حجم خوائه، بثها حبه، ولكنه في الحقيقة بثها احتياجه.
هي تعرف أين هي منه، ولا تقرّه أين هو منها، تعرف كيف تلعب بأوراق الحب، أظهرت له ورقة” أشفقت”،لكن الشفقة في الحب قاتلة، لوحت له بورقة “لا” حتى إذا ما أحست بانصرافه، أضافت ” هاءً” قبلها. فأصبحت” هلا”.
الحب لعبة لا غالب فيها ولا مغلوب، إما أن يخسر طرفاها وإن تظاهر أحدهما بنصر زائف، وإما أن يشكل الطرفان فريقًا واحدًا يجني الثمار .
إن أجمل ما يمكن أن تصنعه امرأة لرجل هو أن تعرف أين تقف منه، أن تتقن فن المسافات، أن تفهم أنه كلما بعدت المسافة بين شيئين كلما كان الاصطدام أقوى والانصهار أكبر، وأن بين كل سنتيمتر وآخر في الحب آلاف الأميال، وتستمر اللعبة كلما استمر الاحتياج.

 

 

 

 

 

 

  • Related Posts

    «الثقافة» تعلن آخر موعد لتلقي طلبات المشاركة في صالون الشباب الـ35

    كتبت هاجر عبدالعليم أعلن قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش، آخر موعد لتلقي طلبات المشاركة في صالون الشباب في دورته الخامسة والثلاثين، حتى يوم 15 أكتوبر الجاري، وتحمل الدورة…

    فرع ثقافة اسيوط يحتفل باعياد الطفولة فى اطار الاحتفال باعياد الطفولة

        اسيوط زياد احمد         فرع ثقافة اسيوط يحتفل باعياد الطفولة فى اطار الاحتفال باعياد الطفولة تعقد الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو بسيونى باقة من…

    اترك تعليقاً

    فاتك

    كسر مفاجئ في خط مياه قطر 1000 مم بمنطقة الرماية بالهرم

    كسر مفاجئ في خط مياه قطر 1000 مم بمنطقة الرماية بالهرم

    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 12 مايو 2025

    • من watan
    • مايو 12, 2025
    • 16 views
    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 12 مايو 2025

    أسعار البنزين والسولار اليوم الإثنين 12 مايو 2025 في مصر.. التفاصيل الكاملة

    • من watan
    • مايو 12, 2025
    • 67 views
    أسعار البنزين والسولار اليوم الإثنين 12 مايو 2025 في مصر.. التفاصيل الكاملة

    القبض على طرفي مشاجرة في المنشاة بسوهاج وضبط سلاح أبيض بحوزة أحدهم

    • من watan
    • مايو 12, 2025
    • 93 views
    القبض على طرفي مشاجرة في المنشاة بسوهاج وضبط سلاح أبيض بحوزة أحدهم

    الأرصاد تحذر: موجة أتربة ورياح قوية تضرب مناطق واسعة في مصر

    • من watan
    • مايو 12, 2025
    • 55 views
    الأرصاد تحذر: موجة أتربة ورياح قوية تضرب مناطق واسعة في مصر

    وزارة البترول تكشف تفاصيل جديدة حول أزمة البنزين المغشوش في مصر

    • من watan
    • مايو 11, 2025
    • 43 views
    وزارة البترول تكشف تفاصيل جديدة حول أزمة البنزين المغشوش في مصر
    Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com