أحمد صادق يكتب : رفض سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.. ضرورة الحفاظ على الأرض والهوية الفلسطينية (2025)

بقلم أحمد صادق

تعتبر القضية الفلسطينية من أقدم وأعقد القضايا في الشرق الأوسط، وهي مسألة تتعلق بحق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة واستقلال على أرضه.
في هذا السياق، يأتي الحديث عن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتحديدًا من قطاع غزة، كأحد أخطر السيناريوهات التي تهدد الأمن القومي الفلسطيني والعربي على حد سواء.
أحمد صادق يكتب : رفض سيناريو تهجير الفلسطينيين
نرفض قطعيًا أي محاولات لتهجير أهل غزة من أرضهم بأي شكل من الأشكال وتحت أي عنوان. يثمن موقف الدولة المصرية الحازم الذي أكدت عليه بوضوح، رافضة مرارًا وتكرارًا تلك المخططات التي تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري والعربي. لقد كانت مصر ولا تزال الركيزة الأساسية في دعم القضية الفلسطينية على كافة المستويات.
أهمية الحفاظ على التركيبة السكانية والجغرافية لفلسطين
بدعم وموقف الدولة المصرية الثابت أمام مخططات تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها، ويشدد على أهمية الحفاظ على التركيبة السكانية والجغرافية لفلسطين كما هي. إن تغيير التركيبة السكانية يمكن أن يؤدي إلى محو الهوية الفلسطينية ويقضي على الأمل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية التي لا يمكن الالتفاف عليها أو التنازل عنها.
خطورة تهجير الفلسطينيين
ندرك تمامًا خطورة هذه السيناريوهات على أمن واستقرار المنطقة بأكملها. نرى أن مثل تلك المغامرات تقضي على الأمل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. إن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم لا يخدم سوى أجندات الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى لفرض واقع جديد على الأرض. يتسبب في تمزيق نسيج المجتمع الفلسطيني، ويضعف من قدرته على الصمود والمقاومة.
مسؤولية المجتمع الدولي
نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته التاريخية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني. ندعو إلى إطلاق مبادرات عاجلة وجادة لإعادة إعمار قطاع غزة، بما يكفل لسكانه حياة كريمة ومستقرة. لقد طال انتظار الشعب الفلسطيني للعدالة، والعدالة تبدأ بإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب، وإنهاء الحصار غير الإنساني الذي يتعرض له أهل غزة منذ سنوات طويلة.
إنهاء الاحتلال الإسرائيلي
أرى أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. يجب أن تكون هناك إرادة دولية جادة للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة، والتوقف عن سياسات التوسع الاستيطاني التي تبتلع الأراضي الفلسطينية تدريجيًا.
محتوايات
السيناريوهات البديلة
بدلاً من تهجير الفلسطينيين، يجب التركيز على الحلول البديلة التي تعزز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه. يمكن تبني مبادرات تنموية واقتصادية تهدف إلى تحسين ظروف الحياة في قطاع غزة والضفة الغربية. يجب دعم مشروعات البنية التحتية والتعليم والصحة، وتقديم الدعم المالي والفني للفلسطينيين لتعزيز قدرتهم على البقاء والصمود.
الخلاصة
في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ القضية الفلسطينية، يجب أن نكون يقظين لأي محاولات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. يجب أن تكون هناك جهود متضافرة من جميع الأطراف المعنية لدعم الحق الفلسطيني في العيش بكرامة واستقلال على أرضه. إن الحفاظ على التركيبة السكانية والجغرافية لفلسطين هو أمر لا يمكن التنازل عنه، ويجب أن يكون على رأس أولويات المجتمع الدولي.
دعوة للعمل
ادعو جميع الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني إلى الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل الحرية والاستقلال. يجب أن تكون هناك حملة عالمية لفضح مخططات التهجير والضغط على إسرائيل لاحترام حقوق الفلسطينيين. إن العدالة للشعب الفلسطيني ليست مجرد مطلب إنساني، بل هي ضرورة لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ماذا قال الرئيس السيسي عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟
منذ اللحظات الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلنت مصر والأردن رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين، من غزة أو الضفة الغربية واعتبرتا هذه الخطوة “خطا أحمر” أو “إعلان حرب”.
وتجدد الحديث عن خطة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن عدة مرات خلال الحرب، لكن تصريحا مثيرا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم، أعاد الجدل بشأن القضية التي أكدت القاهرة وعمان رفضها مرارا بشكل قاطع.
وقال ترامب، على متن طائرة الرئاسة “إير فورس وان” إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل ضد حركة حماس في وضع إنساني صعب، بحسب وكالة رويترز.
وجاء تعليق ترامب غامضا حول ما إذا كان يتحدث عن تهجير دائم أو وضع مؤقت بسبب الوضع المأساوي حاليا في غزة، وأجاب عندما سئل عما إذا كان هذا اقتراحا مؤقتا أو طويل الأجل، قائلا: “يمكن أن يكون هذا أو ذاك”.
وأضاف الرئيس الأمريكي، أنه تحدث مع العاهل الأردني الملك عبدالله يوم السبت، حول هذا الأمر، كما قال إنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأحد.
ونقل ترامب عن حديثه للعاهل الأردني: “قلت له إنني أود منك أن تستقبل المزيد لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. أود منه أن يستقبل أشخاصا”، وتابع: “أود أن تستقبل مصر أشخاصا أيضا”.
آخر تعليق مصري، حول “التهجير” كان على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبل 4 أيام، خلال كلمته في عيد الشرطة المصرية، وقال إن مصر “ترفض بشكل قاطع” تهجير الفلسطينيين، حفاظا على وجود القضية الفلسطينية ذاتها.
وأكد السيسي، أن مصر “ستدفع بمنتهى القوة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، سعيا لحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى القطاع ليصبح قابلا للحياة، ومنع أي محاولات للتهجير، بسبب هذه الظروف الصعبة”، مشددا على “أنه الأمر الذي ترفضه مصر بشكل قاطع”.
وأثار السيسي مسألة تهجير الفلسطينيين من غزة مبكرا، وبعد 10 أيام فقط من اندلاعها، قال إن “ما يحدث في غزة الآن ليس توجيه عمل عسكري ضد حماس، ولكن محاولة لدفع السكان المدنيين إلى اللجوء والهجرة إلى مصر”.
وقال في كلمة مرتجلة خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 18 أكتوبر 2023 بالقاهرة: “أتحدث بمنتهى الصراحة لكل من يهمه السلام في المنطقة وأهمية ألا نقبل ذلك كلنا، ليس فقط في مصر”، وأكمل: “نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل على أن يكون هذا المسار خيار استراتيجي وننميه وأن يكون مسارا تنضم إليه دولا أخرى”.
وأضاف السيسي، أنه أكد للمستشار الألماني “رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة”، مؤكدا أن “مصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطيني المشروع في أرضه”.
ونوه الرئيس السيسي، أن تهجير الفلسطينيين من غزة سيتبعه تهجير آخر من الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي ستكون فكرة الدولة الفلسطينية غير قابلة للتنفيذ، لأن الأرض بلا شعب، وواصل: “أحذر من خطورة هذا الأمر”.
وحذر السيسي، من أن هذه الخطوة سيتبعها نقل الصراع إلى سيناء، التي ستكون في هذه الحالة موطنا للمقاومة الفلسطينية، وقاعدة انطلاق لهجماتها على إسرائيل، وبالتالي ستوجه الأخيرة ضربات للأراضي المصرية من باب الدفاع عن نفسها، وواصل السيسي: “مصر دولة كبيرة وحرصت على السلام بإخلاص ونحتاج جميعا لعدم تبديد ذلك”.
وعلق السيسي ساخرا على محاولات التهجير، وقائلا: “لدى إسرائيل صحراء النقب ومن الممكن نقل الفلسطينيين إليها حتى تنتهي من مهمتها المعلنة كما يقولون”.
وكرر السيسي، الحديث عن رفض التهجير في كلمته بالقمة العربية بالبحرين مايو 2024، وقال: “أؤكد مجددًا أن مصر ستظل على موقفها الثابت فعلا وقولا برفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسريا أو من خلال خلق الظروف التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها”.
وأشار السيسي، إلى إن “التاريخ سيتوقف طويلا أمام تلك الحرب ليسجل مأساة كبرى عنوانها الإمعان في القتل والانتقام وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه والسعي لتهجيرهم قسريا واستيطان أراضيهم وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولي بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية”.
أقرا أيضا : عاجل : برعاية صينية اتفاق الفصائل على وحدة وطنية شاملة فى اطار منظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة الاحتلال
وفي ذات السياق، عبر الأردن مبكرا عن رفضه تهجير الفلسطينيين سواء إلى الأردن أو مصر، وقال الملك عبدالله الثاني، في 17 أكتوبر 2023، إن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر خط أحمر وأن بلاده لن تستقبل لاجئين جدد.
وقال ملك الأردن، إنه لا يتحدث فقط باسم الأردن ولكن باسم مصر أيضا، مضيفا أن بعض الجهات تحاول خلق واقع جديد على الأرض في فلسطين.
وفي وقت لاحق، أكد رئيس وزراء الأردن في ذلك الوقت بشر الخصاونة، في نوفمبر 2023، أن تهجير الفلسطينيين خط أحمر بالنسبة للأردن وإخلال جوهري بمعاهدة السلام، ويعيد لحالة اللاسلم، وهي بالضد إعلان حرب وأعمال عدائية.
وفي 12 يناير الجاري، أكد وزيرا خارجية مصر بدر عبدالعاطي والأردن أيمن الصفدي، رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة، وذلك خلال لقاء بينهما.