كتبت هاجر عبدالعليم
محمد العريان يحذر من ارتفاع أسعار الذهب
كشف الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان، عن بعض النظريات بشأن الأسباب التي توجب على الغرب أن يولي اهتماما أكبر بكثير لما وراء الأداء المذهل للذهب هذا العام، مع وصول سعر المعدن إلى مستويات قياسية.
محمد العريان يحذر من ارتفاع أسعار الذهب
وفي مقال بعنوان «لماذا يجب على الغرب أن يولي اهتماما أكبر لارتفاع أسعار الذهب؟»، في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، قال العريان إن ما حدث لسعر الذهب ليس أمرًا غير عادي من حيث التأثيرات الاقتصادية والمالية التقليدية فحسب، بل إنه يتجاوز أيضاً التأثيرات الجيوسياسية الصارمة ليشمل ظاهرة أوسع نطاقاً تكتسب زخماً عالمياً.
محمد العريان يحذر من ارتفاع أسعار الذهب
وأشار إلى أنه مع تعمق جذور هذه الظاهرة، فإنها تهدد بتفتيت النظام العالمي بشكل ملموس، وتآكل النفوذ الدولي للدولار والنظام المالي الأمريكي.
نص مقال محمد العريان «لماذا يجب على الغرب أن يولي اهتمامًا أكبر لارتفاع أسعار الذهب؟»، في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
لقد حدث أمر غريب لسعر الذهب خلال العام الماضي، فمن خلال تسجيل مستويات قياسية واحدة تلو الأخرى، يبدو أنه انفصل عن المؤثرين التاريخيين التقليديين، مثل؛ أسعار الفائدة والتضخم والدولار، وعلاوة على ذلك، فإن ثبات ارتفاعه يتناقض مع التقلبات في المواقف الجيوسياسية المحورية.
وتشير خاصية «الصمود في كل الظروف» التي يتمتع بها الذهب إلى شيء يتجاوز الاقتصاد والسياسة والتطورات الجيوسياسية الأكثر تواترا، فهي تعكس اتجاها سلوكيا متزايد الاستمرار بين الصين ودول «القوة المتوسطة»، فضلا عن دول أخرى، وهو اتجاه ينبغي للغرب أن يوليه اهتماما أكبر.
على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، ارتفع سعر أوقية الذهب في الأسواق العالمية من 1947 دولارا إلى 2715 دولارا، وهو ما يمثل زيادة بنحو 40%.
ومن المثير للاهتمام أن هذا الارتفاع في الأسعار كان خطيا نسبيا، إذ يجتذب أي تراجع المزيد من المشترين، وقد حدث ذلك على الرغم من بعض التقلبات الجامحة في أسعار الفائدة المتوقعة، ونطاق التقلب الواسع لعائدات السندات الأمريكية القياسية، وانخفاض التضخم وتقلبات العملة.
قد يميل البعض إلى استبعاد أداء الذهب باعتباره جزءاً من زيادة أكثر عمومية في أسعار الأصول، على سبيل المثال، إذ شهد مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأمريكي ارتفاعاً بنحو 35% في الأشهر الاثني عشر الماضية، ولكن هذا الارتباط في حد ذاته غير عادي.
وسيعزو آخرون ذلك إلى خطر الصراعات العسكرية التي شهدت خسارة العديد من المدنيين الأبرياء لأرواحهم وسبل عيشهم، إلى جانب الدمار الهائل للبنية الأساسية.
ومع ذلك، تشير رحلة الأسعار إلى أن هناك الكثير مما يحدث، لقد كانت عمليات الشراء المستمرة من جانب البنوك المركزية الأجنبية بمثابة محرك مهم لقوة الذهب.
ويبدو أن مثل هذه المشتريات لا ترتبط فقط برغبة العديد من الدول في تنويع احتياطياتها تدريجياً بعيداً عن هيمنة الدولار الكبيرة على الرغم من «الاستثناء الاقتصادي» الأمريكي.
وهناك أيضاً اهتمامًا باستكشاف البدائل المحتملة لنظام المدفوعات القائم على الدولار، والذي كان يشكل جوهر البنية الدولية منذ نحو ثمانين عاماً.
إذا سألت نفسك لماذا يحدث هذا، فستحصل عادة على إجابة تشير إلى فقدان عام للثقة في إدارة أمريكا للنظام العالمي، وتطورين محددين؛ ستسمعون عن استخدام الولايات المتحدة للتعريفات التجارية وعقوبات الاستثمار كسلاح، إلى جانب تراجع اهتمامها بالنظام المتعدد الأطراف التعاوني القائم على القواعد، والذي لعبت دورا محوريا في تصميمه قبل 80 عامًا.
وستسمعون أيضًا عن قدرة روسيا على مواصلة التجارة وتنمية اقتصادها على الرغم من طرد بعض بنوك البلاد في عام 2022 من سويفت، النظام الدولي الذي يحكم الغالبية العظمى من المدفوعات عبر الحدود.
وقد فعلت ذلك من خلال إنشاء نظام بديل للتجارة والمدفوعات يتضمن حفنة من البلدان الأخرى، وعلى الرغم من عدم كفاءته وتكلفته، فقد سمح هذا لروسيا بتجاوز الدولار والحفاظ على مجموعة أساسية من العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية.
وهناك أيضاً الجانب المتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، إذ ينظر كثيرون إلى الولايات المتحدة باعتبارها داعماً غير ثابت لحقوق الإنسان الأساسية وتطبيق القانون الدولي، وقد تضاعف هذا التصور بسبب الطريقة التي حمت بها الولايات المتحدة حليفها الرئيس من الرد على أفعال أدانها المجتمع الدولي على نطاق واسع.
إن ما هو على المحك هنا ليس فقط تآكل الدور المهيمن للدولار، بل وأيضاً التغيير التدريجي في تشغيل النظام العالمي، فليس هناك عملة أو نظام دفع آخر قادر أو راغب في إزاحة الدولار من مركز النظام، وهناك حد عملي لتنويع الاحتياطيات.
ولكن عدداً متزايداً من الأنابيب الصغيرة يجري بناؤها للالتفاف حول هذا المركز؛ وعدد متزايد من البلدان مهتمة ومتورطة على نحو متزايد.
إن ما حدث لسعر الذهب ليس أمراً غير عادي من حيث التأثيرات الاقتصادية والمالية التقليدية فحسب، بل إنه يتجاوز أيضاً التأثيرات الجيوسياسية الصارمة ليشمل ظاهرة أوسع نطاقاً تكتسب زخماً عالمياً.
ومع تعمق جذور هذه الظاهرة، فإنها تهدد بتفتيت النظام العالمي بشكل ملموس وتآكل النفوذ الدولي للدولار والنظام المالي الأمريكي.
ومن شأن هذا أن يؤثر على قدرة الولايات المتحدة على إعلام الآخرين والتأثير على نتائجهم، وتقويض أمنها القومي.
وهي ظاهرة ينبغي للحكومات الغربية أن توليها المزيد من الاهتمام. وهي ظاهرة لا يزال الوقت متاحا لتصحيح مسارها، وإن لم يكن بقدر ما يأمل البعض.
أقرا أيضا
ارتفاع سعر الذهب اليوم الثلاثاء «بيع وشراء».. الآن عيار 21 يحقق أعلى سعر له