محافظات

طالع النخل مهنة الفراعنة ومهددة بالانقراض.

بقلم::مفيدة عز الدين

 

 

عرف المصريون مهنة طالع النخل منذ حوالي خمسة آلاف عام، ويعتمد عليها المزارعون في جني محصول البلح سنويًا ورعاية أشجار النخيل، لذا فهي تعتبر مهنة تراثية لا تزال تحتفظ بطريقتها البدائية المتوارثة؛ إذ يتسلق النخلة شخص مدرب ومحترف، ويكون في العادة مرتين في العام، الأولى لتقليم جريد النخل وتنظيفه، والثانية لجلب الثمار، وهي مهنة موسمية، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها كمصدر للدخل.

وقاربت مهنة طالع النخيل على الانقراض، خاصة في الوجه القبلي شمال وجنوب الصعيد مع تراجع عدد أشجار النخيل وعدم جدواها اقتصاديا، نظرًا للاهمال الشديد الذي يتعرض له النخيل، إلى جانب لجوء مديريات الزراعة إلى استخدام سلم هيدروليكي لتسلقه، بالإضافة إلى خطورة المهنة وقلة عائدها.

يتحدث عم “أحمد فاروق” والذي في العقد السادس من عمره، من قرية طمبو التابعة لمركز بني مزار بالمنيا، والذي يعمل خفير نظامي ولكنه من هواة تسلق النخل، أن غالبية من يعملون في تلك المهنة يكون متوارثها عن أجداده، ولا يميل الناس لتعلم هذه الحرفة إلا إذا كانت موروثة، ومهنة طالع النخل تدر عائدًا يساعد في المعيشة وهي ليست دائمًا ، حيث يتم طلوع النخل مرتين بالعام أحداهما عند التقليم والأخرى عند جني التمور، فتسلق نخلة واحدة يجني الطالع حوالي 50 جنيهًا حسب طبيعة النخلة وارتفاعها عن الأرض.

 

وقال أنه لا يأخذ من صاحب النخل أي مقابل سوى مايخرجه النخل من جريد أو سعف أو ليف، ويبيعه هو للأصحاب الحرف الذين يصنعونها ويستخدمونها في العديد من الصناعات.

وأكد أحمد من أن صناعة أدوات طالع النخل تتم يدويا وهي عبارة عن مطلاع ويصنع من ليف النخيل ويتم وصلها بحبل سلب قوي حتى لايسهل قطعه وكي يؤمن على حياة طالع النخل فقد يكون الارتفاع عالي جدًا، وثاني أداة هي “البلطة” تصنع من الحديد ولها يد خشبية وتكون حادة جدًا كي تقطع الجريد والسباط من النخل وتنظفه جيدًا، وأخيرًا “المقلمة” ويقشر بها الجريد وينظفه من السعف، مصنوعة من الحديد الصلب وسلاحها طويل، وتستخدم في التقليم والتنظيف قبل إرسال الجريد للقفاص الذي يحوله إلى أقفاص للعيش أو للفاكهة أو للطيور.

وقال إن عملية التقليم تهدف إلى قطع الجريد الزائد حتى يسمح بزيادة الغطاء الخضري في الأعوام التالية، وهكذا حتى لا يكون حملا إضافيا على النخلة، كما تتم عملية قطع للسباط الجاف ليترك مكانه للخروج السباط الجديد، وتخليص النخلة من الليف الزائد حتى تستطيع أوراقها أن تتنفس،

ثم يأتي وقت التلقيح وهي مهمة طالع النخل أيضا، وتعتبر عملية التلقيح اليدوي في النخيل متشابهة تقريبًا في معظم مناطق زراعة النخيل في العالم، وهي مهمة جدًا لتزيد من جودة الإنتاج، أما في نهاية الموسم يتم جني البلح لأصحاب المزارع أو الفلاحين الذين لديهم نخيل في أراضيهم الزراعية، ويحصل طالع النخل على 50 جنيها عن كل طلعة بحسب نوع العمل وارتفاع النخلة.

وأكد أن عملية تنظيف النخيل من الأشواك والليف والكرنيف تسهل عملية الصعود عليها أثناء التلقيح أو جني التمور، ويستغرق التقليم نحو ساعة حسب مهارة الطالع وخبراته السابقة، وأحيانا يزيد ارتفاع النخلة على 25 مترا، وتلك النوعية تتطلب طالع نخل محترف واثقًا بقدراته يتمتع بقلب حديدي لا يعرف الخوف.

وعن عملية التلقيح تتم في شهري مارس وفبراير، ويقوم طالع النخل بقطع “الطلع” من النخلة الذكر ليلقيه على سباط النخلة وتكون هذه العملية يدوية غالبًا أما في مزارع النخيل الكبيرة يكون هناك آلات للتلقيح، ويسبق هذه العملية؛ التقليم كي يسهل طلوع النخل وأيضًا تخرج النخلة ثمارها والجريد والليف، وبعد التلقيح يأتي وقت جني التمور وتبدأ في شهر يونيو وتستمر شهرين تقريبًا حسب وقت نضج الثمار على النخيل.

وأضاف عم “أحمد” إن طالع النخل يتسلقها حافي القدمين كي يزداد التصاقا بجذع النخلة ويشعر بمكان وضع قدميه، حتى لا تنزلق في الهواء، حيث يستخدم حبلا مجدولا ومبطنا بالقماش بعرض 10 سم يلفه حول النخلة ويكون متصل بالمطلاع الذي سبق التحدث عنه لتثبيت جسم الإنسان من ناحية الوسط حتي يتمكن من تسلق النخلة بكل أمان، بينما ترتكز قدماه على الجذع، خاصة في منطقة باطن القدم، ويظل ينقل المطلاع كلما صعد خطوة لأعلى، وكذلك عند الهبوطـ، ولذا فإن المطلاع يعد بمثابة حزام الأمان لطالع النخل، ولا يمكن بدونه الصعود لاسيما إذا كانت النخلة عالية.

وأضاف أنه لمواجهة المخاطر أثناء تسلق النخلة، لا بد وأن يمتلك قدرة على حسن التصرف، فأحيانا ينقطع المطلاع فجأة وهو في الأعلى، وأحيانا يجد في جريد النخل حشرات أو حيوانات ضارة في انتظاره مثل الثعابين أو الحشرات السامة.

وأشار عم أحمد أنه لابد لطالع النخل أن يحافظ على منطقة القلب وهي منبت جريد النخل، والسباط وبدونها تموت النخلة، مؤكدًا أن كل مايخرج من النخل يستخدم ولايلقى منه أي شئ، فالنخل ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، كما أن للتمر فوائد عديدة، فعند تناوله يتولد حول الإنسان هالة تحميه من الجن والحسد والنظرة، ولذلك أوصى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتناول التمر والحرص عليه، كما أن المنزل الذي لايوجد به تمر يعد بيتًا فقيرًا.

وناشد فاروق وزارة الزراعة مقاومة الأمراض التي انتشرت مؤخرًا، وأبرزها سوسة النخيل حتى لا تسبب ضررّا لطالع النخل، وأن تتم عملية الرش بالمبيدات للقضاء عليها والمتابعة المستمرة من الإدارات الزراعية حفاظًا على اقتصاد الدولة من التمور.

وأضاف أنه سافر للمملكة العربية السعودية وعمل بمزرعة نخيل بها 3 آلاف نخلة، ورأى أن الاهتمام به هناك أكبر منه هنا، فهم يهتمون بالنخل وتقليمه ونظافته وعند أوان التطليع قبل أن ينضج البلح وكنت أقوم بطلوع النخل وتنظيف الجريد على النخل من “السُّل” ويقف العامل أسفل ليجمع المخلفات، ثم أنظم أنا السباط مع الجريد حول النخلة بحيث تكون مرصوص حولها وذلك وقت الظهيرة كي يستطيع تطبيع السباط على الجريد ويربطها عليه، وذلك يعطي للعناقيد المساحة للنضج والنمو وتكون مسنودة أيضا به، ولكن في المملكة يكون هناك مزارع النخيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى