جمال المنياوي
في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وبرعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ومعالي وزير الأوقاف الدكتورومحمد مختار جمعة، انطلقت أربع قوافل مشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى محافظات (جنوب سيناء – المنيا – سوهاج – أسوان ) وتضم كل قافلة (عشرة علماء): خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا حول موضوع: ” الصوم ومكارم الأخلاق”.
وقد أكد علماء الأزهر والاوقاف أن شهر رمضان الفضيل موسم النفحات الربانية والعطايا الإلهية، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ لِرَبِّكُمْ (عز وجل) فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا”، فهو الذي قال فيه الله (جل وعلا): “شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ”، وقال في حقه نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”، وقال (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”، وقال (عليه الصلاة والسلام): “مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
كما أكدوا أن الصوم مدرسة مكارم الأخلاق والقيم، فالعبادات لا تؤتي ثمرتها الحقيقية إلا إذا هذَّبت وقوَّمت سلوك صاحبها، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، ومن لم ينهه حجه عن الفسوق والعصيان فلا حج له، ومن لم ينهه صيامه عن سيئ الأخلاق من الكذب والغش والغدر والخيانة، والاحتكار وأكل الحرام واستغلال أزمات الناس؛ فلا صيام له، حيث يقول الحق سبحانه: “إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ”، ويقول سبحانه: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ” ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “رُبَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ، وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ”.
كما أوضحوا أنه إذا كان الحق (سبحانه وتعالى) قد ذكر في كتابه الكريم أن غاية الصوم هي التقوى حيث يقول الحق سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” فإن التقوى قيمة جامعة لخصال الخير؛ فقد جاءت في القرآن الكريم مقترنةً بقيم إيمانية وأخلاقية متنوعة، حيث يقول الحق سبحانه: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”.
كما اشاروا إلى أن الصائم الحق متجمل بمكارم الصبر والعفو والصفح، وقد وصف نبينا (صلى الله عليه وسلم) شهر رمضان بشهر الصبر، حيث يقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ صَوْمُ الدَّهْرِ”، فجدير بالصائم أن يكظمَ غيظه، ويعفوَ عمنْ ظلمه، ويعطيَ من حرمه، ويحسنَ إلى من أساء إليه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ، وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “الصَّوْمُ جُنَّة، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ”، فالصوم وقاية من سيئ الأخلاق ورديئها، وهو وقاية من عذاب الله يوم القيامة، ولا يكون الصوم مبررًا لضيق الصدر أو إساءة الخلق، وإنما يقوِّي الصومُ العزيمةَ، ويضبط السلوكَ، ويقوِّم الأخلاقَ.
كما أكدوا أن الصوم يجدد في الإنسان مشاعر المواساة والإحسان والتكافل والتراحم، فتنطلق النفوس نحو الكرم والجود وإطعام الطعام، حيث يقول الحق سبحانه في وصف عباده الأبرار: “يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا* إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا”، وقد سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم): أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ (صلى الله عليه وسلم): “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ”.
وإذا كان أجر التكافل والتراحم، والجود، وإطعام الطعام عظيمًا في سائر الأوقات، فإنه في شهر رمضان أعظم أجرًا، وأفضل مثوبة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ”، ويقول سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كان رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم) أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ.
فما أجمل أن ندرك حقيقة الصوم، فنتحلى بمكارم الأخلاق الفاضلة والمثل العليا السامية، يقول سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما): إذا صُمْتَ فليصمْ سمعُك، وبصرك، ولسانُك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ يومَ صومك.
هذا وقد شارك في القافلة بالمنيا
الدكتور حسانين عبد الحكم حسانين مدير المديرية بمسجد الهداية- طهنا الجبل
و الشيخ محمد محمود سلمان واعظ بمجمع البحوث الإسلامية الرحمة – صفط اللبن
والشيخ أحمد محمود أحمد عثمان إمام وخطيب كامل عطية – طهنا الجبل
والشيخ حسن طلعت علي واعظ بمجمع البحوث الإسلامية العلم والإيمان – صفط اللبن
والشيخ عمران محمد محمد حسين إمام وخطيب ضيوف الرحمن -صفط اللبن
و الشيخ محمود إسماعيل أحمد واعظ بمجمع البحوث الإسلامية السلام – طهنا الجبل
و الشيخ معاذ صابر عبدالسلام إمام وخطيب كامل عطيه- صفط اللبن
و الشيخ محمود عبد الحميد رضوان واعظ بمجمع البحوث الإسلامية حسين سالم- طهنا الجبل و الشيخ حسين علي اسماعيل إمام وخطيب عباد الرحمن – صفط اللبن و الشيخ أسامة ربيع عبد النعيم واعظ بمجمع البحوث الإسلامية الفتح- طهنا الجبل.