Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافةمقالات

الحكمة من إعطاء الذكر ضعف الأنثى بقلم الأستاذ الدكتور خالد جمال.

بقلم: أ.د/ خالد جمال

أعتقد أن القارئ المنصف إذا ما اطلع على تنظيم ميراث المرأة فيمختلف التنظيمات القانونية قديمها وحديثها ونظر بتجرد وحياد إلى تنظيم الإسلام لميراث المرأة ، سيتضح له إلى أي مدى كانت الشريعة الإسلامية أفضل بكثير من غيرها في تنظيم هذا الحق ، وسأحاول رغبةً منى في توفير الجهد على القارئ أن أقوم باستجماع مواطن التفضيل في التنظيم الإسلامي مقارنةً بغيره من  التنظيمات الأخرى قديمها وحديثها على السواء .

وعلى الرغم من احتواء التنظيم الإسلامي على كثير من أوجهالتفضيل على غيره من التنظيمات التي تراوحت مسالكها من هذا الحق بين الاعتراف والإنكار، إلا أن البعض قد غفل عن كل ذلك بل تغافل عنه وتناساه وذهب يشحذ ذهنه ويعمل فكره وعقله لاختلاق ما يجده سبيلا ووسيلة تمكنه من توجيه سهام النقد إلى الإسلام، فذلك دأبهم وتلك هي عادتهم التي ألفوها فراحوا يزعمون بأن الإسلام لم يقدر لها القدر الذي ينبغي لها ، وأنه قد حابى الرجل على حسابها بجعله ميراثها على النصف من نصيب من يحاذيها من الرجال، وتناسى هؤلاء أن الإسلام ما نزل تنظيمه للإرث بصفة عامة ولميراث المرأة بصفة خاصة إلا في وقت ضلت فيه الأهواء وتغلبت على الناس نزعات جائرة ذهبت بهم إلى قصر الإرث على الرجال الشجعان الذين يحملون السلاح فيحاربون به الأعداء ويجلبون من ورائه الغنائم دون الضعفاء من الرجال أو الصغار أو النساء فهؤلاء لم يكن لهم أي حظ أو نصيب أصلاً في تركة أقربائهم، وظل هذا الوضع الجائر إلى أن جاء الإسلام إذ لم يشأ المولى عز وجل أن يترك الناس يعمهون في ضلالتهم ويتحيرون في تيه الظلم والإجحاف لفلذات أكبادهم وأقربائهم الذين يحرمونهم حق التمتع بأموالهم بعد مماتهم بل أراد لهم الهداية والنور والعدالة فنزل قوله تعالى
“للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا”       أيه 7 بسورة النساء

فبين المولى عز وجل أن للنساء نصيبا كالرجال فى تركة أقاربهم فلايحرمن حقهن فيها وإنما يرثن كالرجال سواء بسواء، فهذا حق لهن وليس قصرا على الرجال وحدهم ، ثم نزلت آية المواريث بعد ذلك مبينة قدر إرثهن  كما سبق القول فى أحوال إرث النساء
وبذلك حظيت المرأة بحق لم تكن تحظى به لدى العرب في الجاهلية بل وبغيره من الحقوق الأخرى كحقها في الحياة إذ أنجاها الإسلام من الوأد. وقبل أن أستعرض حكمة الإسلام في تقديره لنصيب المرأة وجعله على النصف من نصيب الرجل الذى يحاذيها في درجة القرابة أود أن أشير إلى نقطتين جوهرتين هما:-
1 – النقطة الأولى:-
وهى البالغة الأهمية فتتمثل في ضرورة أن يقر في نفس كل مسلم ومسلمة أن ما ينزله الله لنا من أحكام وما يشرعه لنا من شرائع يطوي في ثناياه وبين جنباته النفع والصلاح والفلاح لنا ، لأنها أحكام منزلة من عند الخالق سبحانه وتعالى العليم واللطيف الخبير الذي يعلم ما يصلح لعباده في حياتهم ، وصدق الله العظيم إذ يقول ” ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ”              الاية 14 بسورة الملك”
ويستوي بعد ذلك أن يكون المولى عز وجل قد منَّ الله علينا فأوضح  لنا تلك الحكمة من وراء هذه الأحكام أم أخفاها عنا وقصرت وسائلنا عن إدراك مرامها وفهم مغزاها، فالتسليم والرضا بما نزل من عند الله من أحكام هي خُلَّهٌ من خلال المؤمنين وصفة من صفاة المتقين ولذلك يمدح الله عباده المؤمنين الذين يسلمون له في قضائه ويرضون عنه في حكمه بقولهسبحانه وتعالى فيهم
“وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله  أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم”                     الاية رقم 36 بسورة الأحزاب
ونحمد الله أن أبان لنا حكمتهوأوضح لنا مقصده من تقديره لميراث المرأة على هذا النحو ومن خصها بعدد من الأحكام التي تواءم طبيعتها وتلائم خلقتها ووظيفتها في الحياة فقال عز من قائلا “الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضوبما أنفقوا من أموالهم”                                                                                                   الاية رقم 11 بسورة النساء

-2 النقطة الثانية:-
تتمثل في أن الإسلام لم يجعل نصيب المرأة على النصف من نصيب الرجل بصفة مطلقة وفى جميع الحالات بل نجده يجعل نصيبها في بعض الأحوال مساويا لنصيب الرجل، كما هو الحال بالنسبة للأخوة لأم حيث يوزع بينهم الثلث بالتساوي للذكر مثل حظ الأنثى، كما أن الأم ترث السدس مثل الأب وكذلك الجدة الصحيحة مع الجد الصحيح وذلك عند وجود الفرع
الوارث الذكر. وبعد بيان هاتين النقطتين أعاود الحديث معكم عن حكمة الإسلام في ميراث المرأة تلك الحكمة التي أظهرتها الآية الكريمة السابقة والتي يغفل عنها البعض ويتناساها البعض الآخر رغم علمه بها ووقوفه عليها وهو لا يبغى من وراء ذلك سوى المعاندة والمكابرة وقذف شرع الله الحنيف بالجور والحوب وهم على دراية تامة بأن هذا الشرع هو من عند الله تبارك وتعالى خالق المرأة والرجل ، ومن المحال على الخالق أن يظلم من خلق فقد حرم الله عز وجل الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرما ويبرئ المولى عز وجل نفسه من افتراءات خلقه فيقول ” ولا يظلم ربك أحدا ”                                الاية رقم 49 سورة الكهف
وفي سبيل تفسير تلك الحكمة الربانية التي أشارت إليها الآية الكريمة أبسط بين أيديكم آراء الفقهاء علماء الدين وردودهم على تلك الافتراءات، وسأحاول قدر توفيق الله لي أن أبدي رأيا في هذا الشأن مساهمة بسيطة مني في الدفاع عن شرع الله وردا على ادعاءات المبطلين. فذهب رأي إلى أن الإسلام جعل نصيب المرأة على النصف من نصيب من يحازيها من الرجال في القرابة لأن ذلك ما تقتضيه الحكمة وتتطلبه الملائمة بين إرث كل منهما وما أعد له في الحياة وما ألقي عليه من تبعات، فقد خلق الله جل شأنه الرجل راعيا للأسرة وحاميا لها وحاملا لأعبائها المادية والمعنوية، ولذلك جعله قوي الجسم جلدا صبورا مقدرا للعواقب وخلق المرأة حرثا للنسل وسكنا للرجل يأوي إليها فتذهب متاعبه وتحفظ سره وماله وتربي أولاده وبهذه القسمة تنتظم الحياة، ولقد اقتضى هذا التقسيم الحكيم أن يكون على الرجل عبء الإنفاق على نفسه وزوجه وأولاده ومن لا يقدر على الإنفاق على نفسه من أقاربه ، بخلاف المرأة فلا التزام عليها بذلك بل إن نفقتها تكون على زوجها ولو كانت غنية موسرة فإن لم يكن لها زوج فنفقتها من مالها إن كان لها مال وإلا على وليها من الرجال ، فليس عليها أن تسعى لتنفق على نفسها رحمة بأنوثتها وضعف بنيتها وتقديرا لشرف وظيفتها في الجماعة وضنا بمنبع الحنان والعطف عن مواطن الخشونة والزلل ، فحاجة الرجل إلى المال أكبر هذا فضلا عن أن نفع المال في الحالين عائد عليه ويرى البعض الآخر أنه ليس من مصلحة المرأة ولا من مصلحة الأسر أن نسوي المرأة بالرجل في الميراث، لأن ذلك معناه أن تنزل المرأة إلى ميدان العمل والكفاح في الحياة على قدم المساواة مع الرجل ما دام نصيبها مساويا لنصيبه إذ لا يعقل أن تسوي به ثم نطالب الرجل بالإنفاق عليها وحمايتها، أما وأن الإسلام قد أوجب على الرجل الإنفاق عليها وجعل له القوامة عليها فمن خطأ الرأي وفساد القول تسويتها به في الميراث. هذا فضلا عن أن وضع المال في يد الرجال أدعى إلى استثماره وتنميته لأنهم أدرى بضروب استثماره وأقدر عليها من المرأة فإن وظيفتها الأصلية هي
الأمومة وهي تحول بينها وبين ذلك. فالمرأة مع هذا القدر الذي تحصل عليه مقارنة بالرجل مرفهة ومنعمة أكثر منه فهي تشاركه الإرث دون أن تتحمل شيئا من التبعات فهي تأخذ ولا تعطى وتغنم ولا تغرم وتدخر دون أن تلتزم بدفع شيء لزوجها.
ومن وجهة نظري فإنه إذا جاز لي أن أبدي رأيا فإن دعوى القائلين
بضرورة مساواة الرجل والمرأة في مقدار الإرث مردودة بما سبق من قول وبما يلى من أدلة تؤكد نصفة الإسلام وعدله في تقديره لميراثها وظلم ما عداه من الشرائع التي خالفته في هذا التقدير زيادة أو نقصاناً.
1- الدليل الأول:
إن مبدأ المساواة الذي يتشدق به البعض في دعواه وطلبه بمساواة المرأة بالرجل في الإرث يقتضي من وجهة نظري أن تراعى الظروف الخاصة لكل منهما عند تقدير إرثهما ذلك ، أنه مما يجافي المساواة وينافي العدالة في أجلى صورها أن نسوي بينهما ونتجاهل ظروفهما وأحوالهما ودورهما في الحياة ، فتلك أمور ينبغي أن تؤخذ في الحسبان عند التشريع لهما في الإرث أو غيره من الأحكام الأخرى لتحقيق العدل بينهما وإلا اتصف التنظيم أو التشريع بالظلم والحوب على أحدهما لحساب الآخر. فالمساواة المطلقة بين غير المتماثلين لا تخلو من المثالب لأنها تجافى الواقع ولا تراعى الظروف الخاصة بمن تطبق عليهم من أشخاص، وحمدا لله أن تنزهت هذه الشريعة الغراء من تلك المثالب والعيوب ، فسبحان من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء حيث راعى خلقه أيما رعاية فشرع لهم من الدين ما يواءم طبيعتهم وما يوافق خصالهم وما يتسق ودورهم في معترك الحياة وصعابها ، فالرجل إذا عزم الزواج وأراد الاقتران بامرأة فمن منهما يتحمل تكاليف الزواج من مهر وإعداد لمسكن الزوجية وتجهيزه ، فضلا عن وجوه الإنفاق التي يطالب بها بوصفه قائد أسرته في مواجهة متطلبات حياته اليومية له ولزوجته ولأولاده إن كان لديه أولاد ، هذا بالإضافة إلى أنه قد يطالب بالإنفاق على والديه أو على عمته أو خالته إذا لم يكن للوالدين دخل كاف يسد حاجتهما أو لم يكن للعمة أو الخالة دخل ينفق منه على أيتهما وليس للواحدة منهما قريب ذكر يسبقه في الدرجة القرابة إليها ، أما المرأة فلا تطالب بالإنفاق حتى على نفسها ، فهي قبل الزواج إذا لم يكن لها مال يتولى وليها الإنفاق عليها )ويجبر على ذلك الإنفاق شرعاً وقانوناً إن لم يؤده مختاراً( ، وإذا تزوجت يلزم زوجها بالإنفاق عليها ولو كانت موسرة ذات مال ، ولا تطالب بالإنفاق على أحد
من أقاربها من آباء أو أمهات أو غيرهما من الأقارب عند وجود من يحاذيها أو يسبقها في درجة القرابة من الذكور .
ويبين لنا مما سبق أن المرأة تأخذ ولا تعطي ، وتغنم ولا تغرم شيئا ، بعكس الرجل تماماً ، ولو جاز القول بوجود محاباة في قواعد الميراث – وهي محال في هذا الشرع الحنيف – لقلنا أن المرأة هي التي حباها الشرع حينما  أعطاها أي نصيب ولو كان هو النصف من نصيب الرجل ، تأسيسا على أنها غير مكلفة بالإنفاق أصلا على أحد ولو حتى على نفسها ، ولذا لم تجز عقلاً
ومنطقاً المساواة بينهما في الميراث مع اختلاف دورهما في الإنفاق ، فالمساواة المطلقة أو التامة لا تكون إلا بين متماثلين ، ومن ثم فمن الظلم  التسوية بين مختلفين، فلا تجوز المساواة من الناحية المنطقية بين
الذكر والأنثى ما دام أنهما مختلفان وليسا متماثلين .
2- الدليل الثاني:
إن الإسلام في تقديره لنصيب المرأة في الإرث قد اتخذ موقفا وسطابين التشريعات التي حرمتها كلية من الميراث )مثل العرب في الجاهلية ولدى القانون الروماني في مراحل تطوره الأولى ولدى الفرس( وبين التشريعات التي جعلت لها نصيبا مساويا لنصيب الرجل )مثل القانون الروماني بعد صدور مدونة جوستنيان وغيره من التشريعات التي أخذت عنه مثل القانون الفرنسي( فخالفت بذلك مقتضيات العدالة التي توجب عند منح أي حق من الحقوق المالية مثل حق الميراث مراعاة التكاليف والواجبات المالية المفروضة عليهما على النحو آنف البيان. ولعل ذلك التقدير الإسلامي يتفق ورغبة الآباء في استبقاء ثرواتهم وعدم نقلها إلى غير أسرهم وميلهم إلى اختصاص الأبناء الذكور بالقدر الأكبر لتحقيق تلك الرغبة ، فلو لم ينزل تقدير سماوي يجعل نصيب الذكور على الضعف من نصيب الإناث لفعل الآباء ذلك، هذا إن لم يتجه البعض الآخر منهم إلى حرمانها كلية وكيف لا يكون للذكور مثل هذا القدر وهم في الغالب الذين يشاركون الآباء أعمالهم فيكونون معهم الثروات ويكون لهم دخل في تكوينها وجمعها بخلاف الإناث. لذا فمن غير العدل أن نسوى بينهم في مقدار الإرث، لكل هذا فقد جعل الإسلام لها نصف نصيب الرجل فحقق غاية الآباء وكفل للمرأة حقها حيث رغب وحفز من يعطيها حقها في الميراث وفق تقدير ربها بالثواب العظيم
في الدنيا والآخرة ، وحذر في نفس الوقت من يجحدها حقها بالعذاب الأليم ، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى

” تِلْكَ حُدُودُ اللهَِّ وَمَن يُطِعِ اللهََّ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَاوذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمََُٰ وَمَن يَعْصِ اللهََّ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ “

3 -الدليل الثالث:
أقول لهؤلاء الذين ينتقدون الإسلام في هذه الجزئية إنكم خالفتم في هذا النقد ما يقتضيه النقد السليم من مراعاة. فلا يختلف اثنان في أن النقد إذا وجه لبناء قانوني معين ينبغي أن يشمله كلية فلا يجوز أن نقتطع منه جزءا ونترك ما عداه ونوجه إلى ذلك الجزء سهام النقد ذلك أن كل جزء في أي بناء قانوني لا ينفك عن سائر أجزائه، فكذلك الحال هنا فإن ميراث المرأة في الإسلام مبنى على أحكام أخرى حوتها الشريعة الغراء لا ينفك أحدها عن غيره فبين أحكامها ارتباط وثيق وتناسق حكيم على نحو لا يلحظ في أي تنظيم قانوني آخر بالقدر الذى يظهر فيها، فهي بكل أجزائها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. لذا فإن جعل نصيبها نصف نصيب الرجل مبنى على أساس حكيم وسند رشيد حيث إنها ليست ملزمة بالإنفاق بخلاف الرجل على النحو الذى سبق الإلماح به والإشارة إليه. وقد يقول قائل إن حكمة الإسلام التي أشرت إليها قد اختفت في العصر الحالي الذى تخوض فيه المرأة غمار الأعمال وتتولى القيام بعديد من الأمور والمهام وتتحمل بعض النفقات، فصارت بذلك في مجال الإنفاق على قدم
المساواة مع الرجل فهل هذا يقتضى كما قد يتراءى للبعض أن نسوى بينهما
في الإرث.

بادئ ذي بدء أود أن أشير إلى أن أحكام المواريث في الشريعة الإسلامية أحكام قطعية نهائية لا مجال لتغييرها أو تبديلها فهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولذلك فلا تُقْبَلُ المناداة بالتسوية بين الذكر والأنثى في الإرث للأسباب
الآتية:-
1- إن طبيعة تلك الأحكام تأبى -كما سبق- القول التحوير أو التغيير وإنتغير الزمان أو المكان أو الحال فلا مجال فيها للاجتهاد.
2 -إن الإسلام لم يلزم المرأة بالعمل ولا بالإنفاق بل ألزم أولياءها عند عدم وجود مال لها بالإنفاق عليها قبل الزواج وألزم الزوج بالإنفاق عليها بعد زواجها ولو كان لها مال ، ومن ثم فإن ارتيادها لميدان العمل وتحملها ببعض النفقات إنما برغبة منها فذاك تنازل منها ونزول عن حقوقها التي كفلها لها الإسلام، وليس من المنطق في شيء أن من يتنازل عن حق من حقوقه يعود فيطلب عنه بديلا.
3- إن المرأة حينما استجابت لمناداة البعض بخروجها إلى العمل وتكبدها مشاقه ووقعت في حبائل أفكارهم فتخلت عن دورها الذى هيأها الله له وانشغلت عن تربية أولادها تسربت إليهم الأهواء وانزلقوا إلى هاوية الضياع فتلقفتهم أيدى المجرمين وأوقعوا بهم في هوة الإجرام وتعاطى المخدرات فقتلوا زهرة شبابهم وذهبوا بنضارتهم، ولن تنقشع عنا تلك المصائب فيفيق إخواننا وأولادنا من غفلتهم وينتبهوا من غَيِّهم إلا برجوع المرأة إلى سابق عهدها -عهد الرسالة وعهد الصحابة وغيرهما من العهود التي ما خرجت فيه المرأة من بيتها إلا لضرورة ملحة كمساعدة الأبطال في حروبهم وتمريضهم- وأدت بإتقان وخشية لله دورها فتربى أطفالها وتحميهم من غائلة الضياع وهاوية الفساد بجهدها، فإنها إن بخلت بنشاطها وجهدها عن فلذة أكبادها وثمرة فؤادها
فلن تجود بهما لغيرهم من أبناء شعبها مهما قيل والعاقل من بذلك يدكر.
4 -وحتى مع التسليم بأن العمل بالنسبة للمرأة جائز فإنه كظاهرة اتسع نطاقها جديرة بالبحث والدراسة للوقوف على مزاياها وعيوبها وعندما يستبين لنا أن عمل المرأة سيذهب ضحيته سواعد الدولة من الأبناء فلا يخفى عن ذي الفطنة بأي يجب أن تضحى المرأة عندئذ، ناهيك عما يسببه عمل المرأة من مزاحمة للرجال فيؤدى بهم إلى نوع من البطالة يتعرض لها الرجال الذين هم بحق أقدر على العمل منها لاسيما الأعمال الشاقة وإذا كانت المرأة قد لعبت دورا بارزا في مجال العمل فلا عبرة بالمفضول عن وجود الأفضل.
وأخيرا وليس آخراً أسجد خاشعا لله الذي جعلني من زمرة هذا الدين الذى حوى في داخله وبين أحكامه ما فيه الصلاح والفلاح للناس أجمعين، فمن أخذ به فاز دنيا وأخرى ومن أعرض عنه وتولى خاب وخسر ويصدق فيه حينئذ قول الشاعر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وقد ينكر الفم طعم الماء من سقم

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى