- الإعلانات -

لمحات ودرس تاريخى من أم قدوة للأمهات الرائعات

0 115

- الإعلانات -

 

اللواء.أ.ح.سامى محمد شلتوت.

• بمناسبة موسم المانجو نقص ذكريات ذات مغزى ومعنى رائع.في طفولتي عندما كان يدخل موسم فاكهة المانجو، كانت أمى تحضر منها كمية للبيت، وكنا نجلس حولها لنشاركها طعمها العذب، كنا نحب هذه الفاكهة كثيراً، فكانت تعطينا اللبّ منها أنا وأختى، وتقوم هى بأكل قشورها !!
كنت أراقب هذا التصرف الغريب منها دون أن أعلم السبب ؟!
سألتها يوماً .. لماذا تأكلى قشور المانجا يا أمى ؟!
نظرت إلي بإبتسامة حانية وقالت… أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت .

• لم أفهم معنى ومغزى كلامها في وقتها، وبرّرت الأمر بأنها قد تكون عادة قديمة إكتسبتها من أيام طفولتها ، وخصوصاً أن طعم قشور المانجا ليس سيئاً، ولكنه لا يقارن بما هو تحت تلك القشور .

- الإعلانات -

• مع الأيام نسيت أمر قشور المانجو، كما نسيت الكثير من الذكريات بين صفحات كتاب الزمن، إلى مدة قريبة عندما أهداني صديق لي كمية من المانجو، جلبها لي كهدية.كنت أمنّي نفسي بالإستمتاع بطعمها الذي ينافس شهد النحل طوال الطريق وأنا متجه إلى بيتي، وبمجرد أن وصلت البيت بدأت في تقطيع تلك المانجو وهي تتفجر بين يدي بما تحتويه من لبّ ذهبي، وعصير ملكي !!الحقيقة أني أحب تلك الفاكهة كثيراً !!
وقبل أن أضع أول قطعة منها في فمي، إقتربت إبنتي الصغيرة مني وقالت : أبي، أريد قطعة ؟
إبتسمت من طلبها وأعطيتها الجزء الذي كان بيدي.وعلى الفور إقترب إبني يطلب مثل ما حصلت عليه أخته.ولحقتهما أختهما الثالثة تطلب حصتها تماماً كما حصَّل إخوانها .كانت فرحتي بالنظر لهم وهم يمرغون وجوههم بقطع المانجا، والسعادة والفرح تشع من أعينهم كشمس الصباح الدافئة بعد ليلة شتاء قارص !
وفي لحظة وجدت نفسي أمام صحن خالي إلا من بعض قشور المانجو التي مازال عالقاً بها أجزاء صغيرة من فتات الفاكهة الأصلية ..
بدأت بإلتهام قشور المانجو دون تفكير إلى أن توقفت فجأة لأتذكر كلمات أمى رحمه الله عليها !!

• الآن فقط بعد كل تلك الأيام والسنوات إتضحت لي معنى كلماتها وماذا كانت تقصد بعبارتها، وغصّت اللقمة في فمي وهطلت الدموع من عينيّ.الآن فقط علمت أن سعادة أمى الحقيقية لم تكن يوماً في أكل قشور المانجو، وإنما كانت سعادتها الحقيقية في رؤيتنا ونحن نأكل أفضل جزء منها أمامه .
كانت فرحتها الغامرة وهى تشاهدنا ونحن نحصل على أفضل وأنقى وأجود ما كان يقدمه إلينا في لحظتها..

•• وتساءلت حينها والدموع في عيني.. كم من مانجا قدمتها لنا أمى وإكتفت هى بمجرد قشورها؟!
وأنا هنا لا أقصد تلك الفاكهة بذاتها، ولكن أقصد كل ما ترمز له في هذه الحياة !!
فالمانجو قد تكون ملبساً، أو بيتاً، أو فراش، أو نوماً مريحاً، أو تعليماً، وقد تكون أيضاً لمسة حنان على الكتف، أو قبلة على الوجه، أومسح دمعة من على الخد !!فمانجو الأهل لا حدود لها، ولا يمكن لأحد أن يقيِّم سعرها…

•• أنظر إلى من حولي لأجد أبناء لا يقدرون أهلهم حق القدر، ولايوفون حقهم، وكأن وظيفة الأهل في هذه الحياة هي في إختلاق الذرائع التي من شأنها أن تكدر صفو حياتهم.
أرى أبناء قد تملكهم الغرور حتى حسبوا أنهم يفوقون أهلهم علماً وفكراً ومنطق.
أرى أبناء يقدسون كلمة الزوجة في مقابل دموع الأم أو الأب.
أرى أبناء قد يقاطعون أهلهم سنيناً طويلة.
أرى أبناء يتمنون زوال أهلهم من هذه الدنيا عاجلاً ليس آجل من أجل أن يرثونهم.
أرى كل ذلك وفي نفسي لو كان الأمر بيدي، لدفعت عمري كله ثمناً حتى يعود بي الزمن لأجلس مع أمى يوماً واحداً أسبقها حينما تحضر فاكهة المانجو، لألتهم قشورها بدلاً عنها ليتبقى لها فقط أفضل ما فيها .
حتى إذا سألتني لماذا أحب أكل قشور المانجو ؟……….فأقول لها
« أكلها أنا حتى لا تأكليها أنتى »

٭٭ إهداء إلى كل من مازال أباه وأمه على قيد الحياة، عسى أن تجد إلى قلبه دليلاً.
اللهم أغفر وأرحم آبائنا وأمهاتنا وإجعلهم من أهل الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين

Leave A Reply